لماذا يجب علينا تدريس التغيير المناخي في الجامعات والمدارس؟

التغيير المناخي
لماذا يجب علينا تدريس التغيير المناخي في الجامعات والمدارس؟
طبيعة الإنسان الفضولية وحبّه لمعرفة المجهول تدفعه دائمًا إلى محاولة معرفة المستقبل وما يحمله له من أمورٍ إيجابيةٍ وسلبيةٍ علّه يتمكن من تغييرها بما يتماشى مع طموحاته، بدءًا من الصعيد الشخصي وصولًا إلى ما هو عامٌ وشمال يخصُّ مُستقبل الجنس البشري ككل على كوكب الأرض؛ حيث لُوحظ خلال السنوات الأخيرة تغييراتٍ واضحةٍ على النظام البيئي والمناخي المعروف منذ القدم، والمتوقع ازديادها مُستقبلًا نتيجةً لعدة عوامل، ما لم تُتّخذ إجراءاتٌ فعالةٌ تحدُّ منها؛ لهذ برزت أهمية تدريس التغيير المناخي وآثاره في الجامعات والمدارس كخطوةٍ استباقيةٍ طويلة الأمد لمواجه التغييرات المستقبلية.

الإنسان هو المسؤول عن التغيير المناخي

منذ منتصف القرن العشرين لاحظ العلماء ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي المحيط بالأرض وأطلقوا عليه الاحتباس الحراري وفسروه بارتفاع نسبة الغازات الدفيئة كغاز ثاني أوكسيد الكربون Co2 وغاز الميتان التي تمنع الحرارة الناتجة عن الأرض من الخروج إلى الفضاء وتُبقيها ضمن غلافها؛ الأمر الذي سيكون له تأثيرٌ كبيرٌ على المناخ في الأرض يصعب توقع سيناريو واضح أو دقيق لتبعاته، والتي نشهد بداياتها منذ عشرات السنين الماضية من خلال ارتفاع درجات الحرارة في مناطق وانخفاضها في مناطق أخرى مُسببةً جفافًا وفيضاناتٍ لم يسبق أن حدثت فيها؛ إضافةً لظاهرة ذوبان الجليد في القطب الشمالي وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات وما سيعكسه ذلك مستقبلًا على وجود الإنسان على الأرض.
كل الذي حدث والمتوقع أن يحدث للمناخ العالمي ليست يد الإنسان ببعيدةٍ عنه، فقد أشارت دراساتٌ كثيرةٌ وطويلةٌ إلى أن ما يزيد عن 95% من نشاطات الإنسان خلال السنوات السابقة كانت سببًا رئيسيًا في زيادة الاحتباس الحراري؛ حيث ارتفعت بسببها نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميتان وغاز أوكسيد النيتروس، ليظهر ذلك على شكل تغييراتٍ في المناخ في مناطق كثيرة.

واجبات الإنسان في مواجهة التغيير المناخي

لا شك في أن كوكب الأرض الذي نعيش عليه الآن لم يكن كما كان قبل مئات السنين وهذا واضحٌ من اختلاف ظروف الحياة؛ وحتى الإنسان تغير أيضًا وتغيّرت متطلباته ونشاطاته ما أثر سلبًا على كوكب الأرض.
دفع ذلك العلماء إلى التفكير مليًا حول مستقبل البشر والحياة في ظل تلك المتغيرات الكثيرة، التي بدأنا نرصد نتائجها على شكل تغييراتٍ مناخية، ما هو حال الأجيال القادمة التي لا بد أن تمتلك من الوعي والفكر ما يكفي ليُساعدها على مواجهة التغييرات المناخية والتأقلم معها وتجاوز آثارها الكارثية المتوقع حدوثها على شكل كوارث طبيعية وقلة موارد المياه وحدوث الجفاف وفقدان مساحاتٍ كبيرةٍ من الأراضي الزراعية التي تُشكّل أحد أهم مصادر الغذاء.

إعداد أجيال قادرة على مواجهة التغيير المناخي في المستقبل

لا يمكن وببساطة خلال سنواتٍ قليلةٍ تغيير عقلية الإنسان التي حكمت أفكاره ونشاطاته خلال أكثر من 100 عام مضت، وإقناعه بضرورة التغيير الجذري لكثيرٍ من الأولويات للحد من التغيير المناخي والتأقلم معه في المستقبل.
لهذا برزت أفكارٌ عديدة تدعو إلى ضرورة العمل على إعداد الأجيال القادمة وتوعيتها بما يتعلق بالتغير المناخي وتطوير خبراتها للتعامل معها من خلال إدخال تلك الأفكار في النظام التعليمي في المدارس والجامعات وإخضاع الطلاب إلى برامج تثقيفية وتدريبية حول مفهوم التغيير المناخي وآثاره؛ إلى جانب إعداد مدرسين مُختصين بالنظام البيئي قادرين على تعزيز الأفكار البحثية لدى الطلاب وتطوير قدراتهم على إيجاد الحلول للمشاكل البيئية المتوقعة مُستقبلًا والتقليل من آثارها بالاعتماد على التنمية المُستدامة، الأمر الذي سينعكس على مختلف المجالات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات المستقبلية.

التعامل مع التغيير من منظور علمي

يُساعد إدراج التغيير المناخي ضمن المناهج الدراسية في توعية الطلاب والأجيال الناشئة حول طبيعة هذه الظاهرة التي ارتبطت في أذهانهم بسيناريوهاتٍ مرعبةٍ حول الفيضانات والحرائق والأعاصير ونزع فكرة العجز عن مواجهة تلك الآثار ودفعهم إلى البحث للوصول إلى تفسيرٍ علمي للظاهرة ووضع أفكارٍ أكاديميةٍ ممنهجةٍ تُناقش التغيير المناخي وتضع التطورات المتوقعة مستقبلًا والإمكانات المتوفرة لمواجهتها.
يُضاف إلى ذلك إعطاء الأجيال القادمة فكرةً عن البيئة التي سيعيشون فيها والظروف التي ستُحيط بهم والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم لاستمرار الحياة على الأرض.

زيادة الوعي البيئي لدى الناس

بالرغم من الضجة الكبيرة التي أُثيرت عالميًا حول التغيير المناخي والاحتباس الحراري وما يرافقه من تغييراتٍ كارثيةٍ بدأت بالحدوث؛ يفتقر الكثيرون في مختلف الدول إلى أدنى فكرةٍ عن هذه الظاهرة ويُبدون استهتارًا كبيرًا تجاهها مُتجاهلين ما يقع على عاتقهم للحد منها من خلال الإقلاع عن ممارساتٍ وعاداتٍ تحمل للبيئة مضارًا كبيرةً مثل:
  • التخلص من القمامة عن طريق حرقها.
  • استخدام المواد الكيماوية بكمياتٍ كبيرةٍ ودون الاعتماد على معايير دقيقة.
  • قطع الأشجار ضمن مساحاتٍ كبيرةٍ وتحويل الغطاء الأخضر إلى مبانٍ ومنشآت صناعية.
لذلك من شأن تعليم التغيير المناخي في المدارس والجامعات نشر المزيد من التوعية البيئية لدى الناس خاصةً فئة الشباب وزيادة الشعور بالمسؤولية تجاهها والتعاون مع مختلف المنظمات والمبادرات البيئية التي تدعو إلى ضرورة التخفيف من التغيير المناخي وآثاره.
وشكراالكم 

إرسال تعليق

0 تعليقات