لماذا تتخذ صواريخ الفضاء مسارا منحنيا


لماذا تتخذ صواريخ الفضاء مسارا منحنيا؟







 بعد فترة وجيزة من الإقلاع بشكل عمودي يبدأ الصاروخ اتخاذ مسار مائل حتى يدخل مدار الأرض ، هناك شيء مثير للاهتمام بشأن المسار الذي يتبعه الصاروخ أثناء صعوده إلى الفضاء، فبدلا من التحرك في خط مستقيم فإنه يتخذ مسارا منحنيا. هذا الأمر ليس خطأ، وسنشاهد الشيء نفسه تماما في كل صورة أو فيديو لإطلاق صاروخ فضاء.

قد يبدو هذا الأمر غير منطقي للبعض، حيث من المفترض بالصواريخ أن تتجه إلى الفضاء،
وسيكون من المنطقي لو اتخذت مسارا مستقيما إلى أعلى بدلا من اتباع مسار مائل، لأنهاستصل إلى الفضاء أسرع بتلك الطريقة، فلا بد إذن من سبب لهذا الأمر .
الإجابة القصيرة هي أن هذه الصواريخ تريد الوصول إلى المدار حول الأرض باستخدام أقل قدر ممكن من الوقود.

الإقلاع العمودي:

يقلع الصاروخ في أول مساره بشكل عمودي بسرعة فائقة، وأثناء صعوده فإنه يفقد قدرا كبيرا من الوقود نتيجة مقاومة الهواء، ونظرا لأنه سيحتاج إلى ضمان قوة دفع كافية عند نفاد معظم وقوده فإنه يقلع أول الأمر عموديا بسرعة كبيرة حتى يضمن عبور الجزء السميك من الغلاف الجوي في أقصر مسافة ممكنة .
يفترض كثير من الناس أن الصواريخ تقلع عموديا للهروب من جاذبية الأرض والوصول إلى الفضاء بسرعة، ورغم أن هذا ليس خطأ تماما فإنه لا يرسم الصورة واضحة.
فأولا يجب فهم أن الفضاء لا يبعد كثيرا عن الأرض، فإذا ارتفعت مسافة مئة كيلومتر عن الأرض فإنك رسميا تعتبر "في الفضاء"، والقوات الجوية الأميركية تعتبر الشخص "رائد فضاء" إذا حلق على ارتفاع فوق ثمانين كيلومترا.
ولهذا، فالأمر لا يتعلق -ببساطة- برغبة الصاروخ في الوصول إلى "الفضاء"، حيث بإمكانه بلوغ الفضاء فعليا باستخدام قدر أقل بكثير من الوقود، لكن ما تريد معظم الصواريخ فعله هو الدخول في مدار الأرض.
فالهدف الرئيسي لمعظم الصواريخ هو الوصول إلى مدار الأرض والبقاء هناك.
وفي مدار الأرض فإن جاذبية الكوكب عالية بما فيه الكفاية لمنع الصاروخ من الانجراف إلى الفضاء الخارجي، كما أنها منخفضة أيضا بما يكفي بحيث لا يضطر الصاروخ إلى حرق كمية كبيرة من الوقود لمنع نفسه من الهبوط مرة أخرى إلى الأرض.


المسار المائل:

ولدخول المدار، فإن الصاروخ يبدأ اتخاذ مسار مائل بشكل تدريجي ثم تزيد درجة ميلانه حتى يصل إلى مدار بيضاوي حول الأرض. ومع ذلك فإن تحقيق مسار مداري سليم ليس سهلا، ويأتي على حساب كميات كبيرة من الوقود التي تستنفد لتحقيق سرعة أفقية هائلة (تصل إلى 29 ألف كيلومتر في الساعة)،
وتسمى هذه التقنية المتمثلة في تحسين خط سير الصاروخ حتى يصل إلى المسار المطلوب "منعطف الجاذبية" أو "منعطف الجاذبية صفر".
وتقدم هذه التقنية فائدتين رئيسيتين: أولاهما أن الصاروخ يحافظ على مستوى منخفض للغاية أو حتى زاوية صفر من الضغوط خلال مراحل الصعود الأولى؛ مما يعني أنه يختبر ضغطا هوائيا أقل.
وثانيتهما أن الصاروخ يستفيد من جاذبية الأرض بدلا من وقوده الخاص لتغيير اتجاهه. والوقود الذي يوفره الصاروخ يستخدم بالتالي لتسريع مساره أفقيا من أجل تحقيق سرعة عالية ودخول المدار بصورة أسهل بعد انطلاقه
وبشكل مختصر، فإنه يتوجب على الصاروخ اتخاذ مسار منحنٍ بفترة وجيزة إذا كان يريد دخول مدار الأرض، فإذا لم يفعل ذلك وواصل صعوده بشكل عمودي فسيبلغ في نهاية المطاف نقطة ينفد فيها وقوده، وعلى الأرجح
فإن ذلك سيؤدي إلى سقوطه عائدا إلى الأرض كالصخرة.





إرسال تعليق

0 تعليقات