مفهوم الزمن في الفيزياء وخاصة لدى اينشتابن

إن النظرية النسبية التي جاء بها أينشتاين في القرن الماضي ليست كلها رياضية إنّما تحمل نظرية فلسفية جعلت العلماء يقفون عندها دون القدرة على دحضها أو تأكيدها. كان السؤال الأول الذي بدأ به أينشتاين نظريته هو هل يمكنالإثبات بشكلٍ مطلق وقاطع بأ ن جسما من الأجسام يتحرك؟ وجسما من ثابتا لا يتحرك؟




 اولا -النظرية النسبية والمكان

قوانين الفيزياء الحركية ومن ضمنها قوانين نيوتن في الحركة تعتمد جميعها على افتراض أّن هنالك نقطة ثابتة لا تتحرك -ساكنة- في مكان بعيد غير معروف، لكن العلماء ومن ضمنهم نيوتن عجزوا أن يثبتوا هذه الفرضية - أي عجزوا أن يثبتوا وجود تلك النقطة - وبقيت
مجرد افتراضات.
ًرفض أينشتاين تلك الفرضية باعتبار أنّه لا يمكن القطُع بأن جسما ما يتحرك وأن جسما ثابتا لا يتحرك. وكل ما ُيقال إن جسما ما يعتبر متحركا بالنسبة إلى جسم آخر، وكل ما هنالك هو حركة نسبّية، أ ما الحركة الحقيقية فلا وجود لها. عرفأينشتاين أنّه لا سبيل لمعرفة المكان بالمطلق لأننا نقّدر موضوعه النسبي إلى كذا وكذا، أما الوضع الحقيقي فلا سبيل لمعرفته ، لأن الكون كله في حركة دائمة ولا شيء ثابت.



النظرية النسبية والزمن

يوجد لدينا الزمن المرتبط بمعاملاتنا اليومية والمحدد باليوم والساعة والدقيقة،ويوجد أيضا الزمن الداخلي الذي لا يقبل القياس فلا مرجع فيه إلا صاحبهفاللحظات فيه لا تتساوى، فهنالك لحظات مشرقة تساوي سنوات من العدم،وهناك وقت يمضي سريعاً وآخر ببطء لا يشعُر به إلا صاحبه، ويطلق على هذا الزمن ، اسم (الزمن الوجودي) حسب تسميِة الفلاسفِة الوجوديين أمثال: برجسون، وسارتر، وغيرهما ، لكن هذا الزمن لم يكن هو المقصوُد في نظرية
أينشتاين النسبّية.
الزمن الذي َيقصِده أينشتاين هو الزمن الخارجي الموضوعي، الزمن الذي تتحرك النجوم والكواكب بدا خله، وبما أن المكان الُمطلق لا وجود له في نظرية آينشتاين النسبّية- كما أسلفنا - فكذلك الزمن . إن الزمن المعروف بالساعِة واليوم والشهر والسنة مجرد مصطلحاٍت ترمز إلى دوران الأر ض حول نفسها وحول الشمس أو بشكل أكثر وضوحا "مصطلحا ت لأوضاع مختلفةٍفي المكان ".
ًإن الساعات التي نحملها حول معصمنا مضبوطة على النظاِم الشمسي، لكن
النظام الشمسي ليس النظام الوحيد في الكون، فلا ُيمكن أن نَفرض التقويم الزمني للنظام الشمسي على الكون كله ، ولا أن نعتبر أن الكميا ت التي نقُيس بها هي كميات مطلقة
ّ فمثلا لا يمكِننا الافتراض أ ن الوقت (الآن ) هو الوقت نفسه (الآن) في المجّرة كلها !
إن الضوء الذي يصِلُنا من الكواكب البعيدة يحتاج إلى آلاف السنينِ الضوءية ، وما نراه في التلسكوبات هو في الحقيقة ماضي هذه الكواكِب الذي ُيخّيل إلينا أنَه الواقع ! فليس هناك وجود للآنية في هذا النظام، وإن الانسان الذي لا يستطيعأن ُيطِلق كلمة (الآن) على الكون لا ُيمكُنه أن ُيطلِقها على ِنظامِه الزماني .
ّالزمن مقدار متغير، ولا يوجد زمن واحد للكون كله ، والمكان مقدار متغير ، ولكن الكون بسيط رغم تعدده، وظواهر الكون رغم تعددها وتناقِضها وحدة واحدة في نظر أينشتاين الْمؤمن بالله وآياِته(حسب دينه ومعتقده), والمؤمن أن الكون لا يقوم على الفوضى؛ بل على الانسجام والوحدة الواحدة ويرفض الصدفة والعشوائّية، وبذلك فإن الكون يمكن تعقله.




النظرية النسبية والكتلة

إن الأساس الذي بنى عليه أينشتاين القوانين الطبيعية هو سرعة الضوء التي هي ثابتة بشكل مطلق لا تتغير في اي طرف من أرجاِء الكون، ولقد كانالافتراض أنُه لا يمكن لأ ي جسم أن يصل إلى سرعة الضوء، وأنّها مقصورة على
الضوِء نفسه، لكن أينشتاين تَساءل ماذا يحدث لكتلِة جسم ينطلق بسرعة تقتربمن سرعِة الضوء .بحث أينشتاين في صفة ثالثة وهي الكتلة، وأثبت أن الكتلة النسبية مثل الزمن
والمكان، وأنّها مقدار متغير يَتغير بحركة الجسم؛ حيث إنّه كلما ازدادت سرعة الجسم ازدادت كتلته ، ولا تبدو هذه الفروق في السرعات الصغيرِة المألوفة حولنا ولهذا تفوتنا ملاحَظتها، ولكن في السرعات التي تقترب من سرعِة الضوء،فإن الكتلة تصبح لا نهائية.
قاد هذا الاستنتاج أينشتاين إلى معادلات فيزيائّية قلبت موازين الأرض، وأّدت إلى صناِعة القنبلة الذرّية والهيدروجينية ثم قنبلة
َالنيترون. وسلم أينشتاين بذلك المفاتيح
لهواة الحر ب والدمار ، وانفتح في نفِس الوقت باب البحوث في الفضاء، وأصبح السفر في صواريخ هائلٍة تنطلق بسرعٍة خارقة، وتخُرج من الجاذبيِة أمرا ممكنا

إرسال تعليق

0 تعليقات