السيناريو الأول: ما الذي كان سيحصل للأرض لو لم تمتلك قمراً؟ ما الذي كان سيحصل للأرض قبل 4,5 مليار سنة لو أن ثيا مر بسلام في طريقه دون أن يصطدم بها ودون أن يتسبب في تشكل القمر؟ حسناً، ربما وجدت الحياة على سطح الأرض بشكل أو بآخر، ولكن من المؤكد عدم وجود البشر على سطحها. وهنا عليك التفكير بكل مراحل التطور الطويلة وما احتوتها من تغييرات صغيرة وتعديلات دقيقة أدخلتها الكائنات على بيئاتها. فكل ما يحتاجه الأمر هو حدوث بعض التغييرات الطفيفة على بيئة الأرض كي يؤدي ذلك إلى تغير حاسم في مسار التطور. وفي حالة عدم وجود القمر على الإطلاق فإن الأرض ستكون مكاناً مختلفاً للغاية، إذ سيكون طول اليوم الأرضي بين 8 إلى 10 ساعات فقط نظراً لعدم وجود القمر الذي بلعب دوراً رئيسياً في زيادة عدد ساعاته. كما سيؤدي الدوران السريع للأرض إلى هبوب رياح بسرعات كبيرة للغاية تتراوح بين 160 إلى 200 كم. أما محور الأرض فسيكون مائلاً مما يتسبب في حدوث تغيرات جذرية في درجات الحرارة على مدى آلاف وملايين السنين. وعلى الرغم من استمرار حدوث ظاهرة المد والجذر في المحيطات، إلا أنها ستكون ضعيفة جداً نظراً لأن الشمس هي المصدر الوحيد المتسبب بها.
السيناريو الثاني: ماذا لو اختفى القمر فجأة ؟ فلنفترض جدلاً أن القمر قد اختفى فجأة، ما الذي سيحصل في هذه الحالة؟ في الواقع، سنكون نحن وجميع الكائنات الأخرى على الأرض في ورطة حقيقة بكل ما للكلمة من معنى، إذ أننا مررنا بعدة مراحل في مسيرة التطور كي نستطيع العيش في ظل مجموعة محددة من الظروف، ولكننا الآن مضطرون لمواجهة بيئة مختلفة تماماً. تحدث هذه التغيرات على مدى آلاف وملايين السنين، وعلى الرغم من أن هذا النطاق الزمني يبدو طويلاً جداً، إلا أن هذه التغيرات ستحمل في طياتها عواقب وخيمة للغاية. من دون وجود القمر سيفقد محور الأرض استقراره مما يصعب من إمكانية التنبؤ بدرجات الحرارة. والآن، دعونا نذكر مثالين بخصوص هذا الشأن هما مدينة روما في إيطاليا، ومدينة ستوكهولم في السويد. خلال فصل الصيف، يكون متوسط درجات الحرارة العالية في روما 29 درجة مئوية، أما في فصل الشتاء فيكون متوسط درجات الحرارة العالية 13 درجة مئوية. أما مدينة ستوكهولم فتبلغ اعلى درجة حرارة في فصل الصيف 20 درجة، أما في فصل الشتاء فتكون 0 درجة مئوية. إذا تغير ميل محور الأرض فإن درجات الحرارة في هاتين المدينتين ستتغير بشكل جذري. حسناً، تخيل لو حدث تبادل في درجات الحرارة بين المدينتين، فإن البنى التحتية (مكيف الهواء أو مركبات جرف الثلج) ببساطة لن تكون في هاتين المدينتين مناسبة لحماية البشر وطعامهم وعملهم. وعليه، سيتوجب على المواطنين الإيطاليين والسويديين أن يتكيفوا مع الظروف الجديدة التي فُرضت عليهم، وإلا سيواجهون خطر الانقراض. ربما يكون السفر والانتقال أحد الحلول التي سيلجأ إليها الناس والكائنات الحية، ولكن ما الذي سيحصل لبقية الكائنات التي لا تستطيع الانتقال؟ فالشعب المرجانية على سبيل المثال هي نظم بيئية حساسة ومعقدة للغاية، وقد لا تكون قادرة على التكيف بسرعة كافية مع التغيرات الحاصلة في درجات حرارة المياه، وعلى الأرجح ستموت. علاوة على ذلك، ستخسر الأرض نتيجة حدوث تغيرات في درجات الحرارة مناطقها الباردة: أي القطبين اللذين يحتويان على كميات هائلة من الجليد. ومن شأن انصهار melt كميات الجليد تلك أن تتسبب في ارتفاع منسوب مياه المحيطات مما يتسبب في حدوث تغيرات تشمل السواحل في جميع أرجاء العالم. فعلى سبيل المثال، ستغمر مياه المحيطات بعض البلدان كهولندا. مع وجود اضطراب في ميل محور الأرض فإن الفصول الموسمية ستختفي مما سيترك عواقب بعيدة المدى. يمكن معرفة هذه العواقب عند التفكير بأن العديد من الكائنات الحية تنمو وتتزاوج وتهاجر في أوقات محددة من السنة. وأيضاً، ستؤثر التغيرات الجذرية في درجات الحرارة على المناخ وعلى موسم النمو للنباتات، الأمر الذي يجعل من عملية إنتاج الغذاء لمليارات البشر أمراً بالغ التعقيد.
0 تعليقات